A Commentary on Jami` at-Tirmidhi - Al-Rajhi
شرح جامع الترمذي - الراجحي
Nau'ikan
التشديد في أمر البول
قال المصنف ﵀: [باب: ما جاء في التشديد في البول.
حدثنا هناد وقتيبة وأبو كريب قالوا: حدثنا وكيع عن الأعمش قال: سمعت مجاهدًا يحدث عن طاوس عن ابن عباس ﵄: (أن النبي ﷺ مر على قبرين فقال: إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة)].
فيه بيان أن هذين الأمرين من أسباب عذاب القبر، فالمشي بالنميمة، وعدم الاستبراء من البول أمران محرمان، وهما من كبائر الذنوب، فيجب التنزه من البول والاستتار منه، جاء في الحديث: (تنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه).
وكذلك النميمة، وهي: نقل الكلام من شخص إلى شخص، أو من جماعة إلى جماعة على وجه الإفساد.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال أبو عيسى: وفي الباب عن زيد بن ثابت وأبي بكرة وأبي هريرة وأبي موسى وعبد الرحمن بن حسنة ﵃.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وروى منصور هذا الحديث عن مجاهد عن ابن عباس، ولم يذكر فيه: عن طاوس، ورواية الأعمش أصح.
قال: وسمعت أبا بكر محمد بن أبان البلخي مستملي وكيع يقول: سمعت وكيعًا يقول: الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور].
قال الخطابي في (معالم السنن): قوله: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا): فإنه من ناحية التبرك بأثر النبي ﵊، ودعائه بالتخفيف عنهم، وكأنه ﷺ جعل مدة بقاء النداوة فيهما حدًا لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنىً ليس في اليابس، والعامة في كثير من البلدان أن تفرش الخوص في قبور موتاهم، وأراهم ذهبوا إلى هذا، وليس لما تعاطوه من ذلك وجه.
قلت: وهذا خطأ، والصواب أن ذلك خاص بالنبي ﷺ.
قال صاحب (تحفة الأحوذي): قوله: (وروى منصور هذا الحديث عن مجاهد عن ابن عباس).
منصور هذا هو ابن المعتمر، (ورواية الأعمش أصح، أي: رواية الأعمش بذكر طاوس بين مجاهد وابن عباس أصح من رواية منصور، ثم بيَّن الترمذي وجه كونه أصح بقوله: سمعت أبا بكر إلى آخره.
وروى البخاري هذا الحديث في صحيحه على الوجهين، قال الحافظ في (الفتح): وإخراجه له على الوجهين يقتضي صحتهما عنده، فيحمل على أن مجاهدًا سمعه من طاوس عن ابن عباس، ثم سمعه من ابن عباس بلا واسطة أو العكس، ويؤيده أن في سياقه عن طاوس زيادة على ما في روايته عن ابن عباس، وصرح ابن حبان بصحة الطريقين معًا.
وقال الترمذي: رواية الأعمش أصح.
انتهى.
قلت: وقال البخاري أيضًا: إن رواية الأعمش أصح، قال الترمذي في (العلل): سألت محمدًا: أيهما أصح؟ فقال: رواية الأعمش أصح.
انتهى.
ويؤيد صحة الروايتين: أن شعبة بن الحجاج رواه عن الأعمش كما رواه منصور، ولم يذكر طاوسًا، قاله العيني.
قلت: شعبة إمام النقد.
7 / 6